فصل: شرح القسم الثاني: من الإدغام الصغير، وهو ما سكونه عن حركة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإقناع في القراءات السبع



.باب الإدغام الصغير:

ليس في الإدغام الصغير إدغام متحرك ولا مثل، وقد قسمه القراء قسمين: قسم سكونه خِلْقة، وقسم سكونه عن حركة.

.شرح القسم الأول: [المختلَف فيه من الساكن الخلقة الذي لا تعرف حركته]

المختلَف فيه من الساكن الخلقة الذي لا تعرف حركته ستة أصناف:
الأول: دال "قد"، الثاني: ذال "إذ"، الثالث: تاء التأنيث المتصلة بالفعل، الرابع: لام "هل وبل"، الخامس: حروف الهجاء، السادس: النون والتنوين، جُعلا من هذا القسم لمكان التنوين.

.باب دال قد:

اتفقوا على إدغامها في مثلها، والتاء، نحو: {وَقَد دَّخَلُوا} [المائدة: 61] ولا يجوز غيره حسب ما قدمناه، ونحو: "وَقَد تَّبَيَّنَ" ويجوز الإظهار، وقد رواه المسيبي.
واختلفوا فيها عند ثمانية أحرف: الجيم، والسين، والشين، والصاد، والزاي، والذال، والضاد، والظاء، نحو: {لَقَدْ جَاءَكُمْ}، و {لَقَدْ سَمِعَ} [آل عمرن: 181]، {قَدْ شَغَفَهَا} [يوسف: 30]، وليس غيره، و {لَقَدْ صَدَقَكُمُ} [آل عمران: 152]، {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا} [الأعراف: 179]، وليس غيره، و {وَلَقَدْ زَيَّنَّا} [الملك: 5]، {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا} [الروم: 58]، {لَقَدْ ظَلَمَكَ} [ص: 24].
فقرأ ابن كثير وقالون وعاصم بإظهار الدال عند الثمانية.
وأدغم ورش في الظاء والضاد.
وأدغم ابن ذكوان في الذال والضاد والظاء، زاد له غير الفارسي الزاي.
الباقون، وهم أبو عمرو وحمزة والكسائي وهشام بالإدغام في الثمانية.
وعن هشام في {لَقَدْ ظَلَمَكَ} هذا الحرف وحده خلاف، والذي يصح من طريق الحلواني الإدغام كنظائره، وذكر الأهوازي أن الإظهار في هذا الحرف رواية الأخفش عن هشام.
وبالإظهار قرأت له من طريق أبي الطيب، وعلى ذلك عوّل عثمان بن سعيد، وحكى عن فارس عن عبد الباقي التخيير في الدال عند الظاء حيث وقعت.
وبالإدغام آخُذُ له في الباب كله، وهو الذي يصح عندي، والله أعلم.

.باب ذال إذ:

اتفقوا على إدغامها في مثلها والظاء، نحو: {إِذ ذَّهَبَ} [الأنبياء: 87]، و{إِذ ظَّلَمُوا} [النساء: 64] ولا يجوز غيره.
واختلفوا فيها عند ستة أحرف: الجيم، والتاء، والدال، وحروف الصفير، نحو: {وَإِذْ جَعَلْنَا} [البقرة: 125]، و {إِذْ تَبَرَّأَ} [البقرة: 166]، و {إِذْ دَخَلُوا} [الحجر: 52، ص: 22، الذاريات: 25]، و {إِذْ صَرَفْنَا} [الأحقاف: 29]، و {إِذْ سَمِعْتُمُوهُ} [النور: 12]، و {إِذْ زَيَّنَ} [الأنفال: 48].
فأدغم فيهن أبو عمرو وهشام، وأظهر خلاد والكسائي عند الجيم، وأدغم ابن ذكوان في الدال، وأدغم خلف في الدال والتاء.
وأظهرالباقون: وهم الحرميان، وعاصم فيهن.

.باب تاء التأنيث:

أدغموها في مثلها بلا خلاف نحو: {فَمَا زَالَت تِّلْكَ} [الأنبياء: 15]، و{إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ} [الكهف: 17] ونحوه، إلا ما جاء عن حفص من طريق لم نذكره هنا.
وفي الطاء بلا خلاف نحو: {وَدَّت طَّائِفَةٌ} [آل عمران: 69] و{قَالَت طَّائِفَةٌ} [آل عمران: 72]، إلا ما روى ابن شنبوذ عن أبي نشيط فيه.
وفي الدال نحو: {أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا} [يونس: 89] إلا ما روى المسيبي من الإظهار فيه.
واختلفوا فيها عند ستة أحرف: الجيم، والثاء، والظاء، وحروف الصفير، نحو قوله تعالى: {نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ} [النساء: 56]، و {وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} [الحج: 36]، وليس في القرآن غيرهما، و {كَذَّبَتْ ثَمُودُ} [الشعراء: 41، القمر: 23، الحاقة: 4، الشمس: 11]، و {كَانَتْ ظَالِمَةً} [الأنبياء: 11]، و {أُنْزِلَتْ سُورَةٌ} [التوبة: 124]، و {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} [النساء: 90]، و {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ} [الحج: 40] وليس في القرآن غيرهما، و {خَبَتْ زِدْنَاهُمْ} [الإسراء: 97] وليس في القرآن غيره.
فأظهر ابن كثير وقالون وعاصم التاء عند جميعهن، وأدغم ورش في الظاء فقط، وأظهر ابن ذكوان عند الجيم والسين والزاي، وهن هجاء "سجز" وقيل في ثلاثتهن عن هشام بالإظهار، وبه قرأت على أبي -رضي الله عنه- وقرأت من طريق الأهوازي بالإدغام فيهن، وقيل أيضا عن الحلواني عن هشام {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ} هذا الحرف وحده مظهرا، الباقون بالإدغام في الستة.

.باب لام هل وبل:

أما "هل" فاختلفوا في إدغامها عند ثلاثة أحرف، وهي: التاء، والثاء، والنون.
فالتاء نحو: {هَلْ تَنْقِمُونَ} [المائدة: 59]، و {هَلْ تَرَبَّصُونَ} [التوبة: 52].
والثاء: {هَلْ ثُوِّبَ} [المطففين: 36] وليس في القرآن غيره.
والنون: {هَلْ نَدُلُّكُمْ} [سبأ: 7]، و {هَلْ نَحْنُ} [الشعراء: 203]، فأدغمها. . . . عندهن، وأدغمها حمزة وهشام عند التاء والثاء.
استثنى هشام {أَمْ هَلْ تَسْتَوِي} في [الرعد: 16] فأظهره.
وقال خلف عن سليم: إن حمزة كان يقرأ عليه بإظهار {هَلْ ثُوِّبَ} فيجيزه، والأخذ له فيه بإلإدغام.
وأدغم أبو عمرو: {هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ} [الملك: 3]، و {هَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} في [الحاقة: 8] لا غير، وزاد عنه عبد الله بن داود الخريبي موضعا ثالثا، وهو: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} في [مريم: 65] انفرد به عنه.
وزاد عنه سيبويه: {هَلْ ثُوِّبَ} مدغما، وهي رواية يونس وهارون عنه، والباقون بالإظهار.
وأما لام "بل" فأجمعوا على إدغامها عند الراء، وهي ثلاثة مواضع: {بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ} [النساء: 158]، و{بَل رَّبُّكُمْ} [الأنبياء: 56]، و{بَل رَّانَ} [المطففين: 11].
واختلفوا في إدغامها عند سبعة أحرف، عند: التاء، والزاي، والسين، والضاد، والطاء، والظاء، والنون، نحو: {بَلْ تَأْتِيهِمْ} [الأنبياء: 40]، {بَلْ تَحْسُدُونَنَا} [الفتح: 15] وشبهه، و {بَلْ زُيِّنَ} [الرعد: 33]، و {بَلْ زَعَمْتُمْ} [الكهف: 48] ولا ثالث لهما، و {بَلْ سَوَّلَتْ} في الموضعين [يوسف: 18، 83] حسب، و {بَلْ ضَلُّوا} [الأحقاف: 28] ولا ثاني له، و {بَلْ طَبَعَ} [النساء: 155]، و {بَلْ ظَنَنْتُمْ} [الفتح: 12] ولا مثل لهما، و {بَلْ نَتَّبِعُ} [البقرة: 170]، و {بَلْ نَحْنُ} [الواقعة: 67] وشبهه.
فأدغم الكسائي اللام في السبعة، وأدغم حمزة في التاء والسين فقط، واختُلف عنه في: {بَلْ طَبَعَ} فمحصول ما ذكر أئمتنا أن فيه الخلاف عن خلف وخلاد، وبالوجهين آخذ لهما، وكان حمزة يخير فيه.
وروى الدوري عن سليم عنه أنه كان ربما قرأ عليه القارئ بإدغام: {بَلْ زَعَمْتُمْ}، و {بَلْ نَحْنُ} فيجيزه، والأخذ له فيهما بالإظهار.
وأظهر هشام عند الضاد والنون فقط، هكذا تظاهرت الروايات عن الحلواني عنه، وأظهر الباقون اللام عند السبعة.

.باب حروف الهجاء:

قرأ الحرميان وعاصم: {كهيعص، ذِكْرُ} [مريم: 1، 2] بإظهار الدال من "صاد" عند الذال من {ذِكْرُ} وأدغم الباقون.
قرأ حمزة {طسم} بإظهار النون عند الميم، وهما موضعان؛ في [الشعراء، والقصص: 1]، وأدغم الباقون.
قرأ ابن عامر والكسائي وورش وأبو بكر {يّس، وَالْقُرْآنِ} [يس: 1، 2] و {نْ وَالْقَلَمِ} [القلم: 1] بإدغام النون في الواو فيهما، ويبقون الغنة، وعن أبي بكر خلاف فيهما، فذكر أبو معشر عن شعيب بالإدغام في {يّس} وبالإظهار في {ن} والذي ذكر الأهوازي وأبو عمرو لشعيب بالإدغام فيهما، وهي رواية ابن مجاهد، وبه قرأت من طريقه.
فأما نون {عسق} [الشورى: 2]، و {طس تِلْكَ} [النمل: 1] فمخفاة عند الجميع إلا ما ذكر أحمد بن صالح عن ورش من إظهارهما فيهما، ولا ينبغي أن ينكر هذا عنه، فله أصل عند أهل المدينة.

.باب النون الساكنة والتنوين:

التنوين نون ساكنة، وسموها تنوينا ليفرقوا بينها وبين النون الزائدة المتحركة التي تكون في التثنية والجمع، وفي هذا الباب مختلف فيه، وأكثره متفق عليه.
وجرت عادة القراء بذكر المتفق عليه للحاجة إليه.
فأحوال النون والتنوين أربع: إدغام، إظهار، إبدال، إخفاء.

.ذكر الإدغام:

الحروف التي تدغم النون والتنوين فيها خمسة: الراء، واللام، والميم، والواو، والياء، يجمعها "لم يرو" سواء كان سكون النون لازما أو بجازم، وسواء ثبتت في الخط على الأصل أو حذفت فيه على اللفظ، وذلك نحو {مِن رَّبِّكُمْ}، و{أَن لَّمْ يَكُنْ رَبُّكَ} [الأنعام: 131] و{غَفُور رَّحِيمٌ}، و{فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا} [البقرة: 24]، و{إِن لَّمْ يَكُنْ لَهُنَّ} [النساء: 12]، و{هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2]، و{أُمَم مِّمَّنْ مَعَكَ} [هود: 48]، و{وَإِنْ يَكُن لَّهُمُ} [النور: 49]، و {يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ} [الحاقة: 16]، و {فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ} [الكهف: 29]، و {مِنْ وَاقٍ} [الرعد: 34]، {وَمَنْ يَقُلْ} [الأنبياء: 29]، و {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ} [الأنفال: 16]، و {يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ} [الروم: 43].
فأما إدغامها في الميم فلا بد من الغنة، إلا ما جاء عن عاصم وحمزة أن النون الساكنة والتنوين يدغمان عند الميم بغير غنة.
فحدثنا أبو داود، حدثنا أبو عمرو، حدثنا أبو مسلم، حدثنا ابن مجاهد قال: لا يقدر أحد أن يأتي بـ"عمن" بغير غنة؛ لغلبة غنة الميم، يعني: المنقلبة.
وحدثنا أبو القاسم قال: حدثنا أبو معشر، حدثنا أبو عبد الله الجرجاني، حدثنا الخزاعي قال: واتفقوا على إظهار الغنة عند الميم، واختُلف عن بعضهم، ولا ينطاع اللسان إلا بما عليه الجماعة.
قال أبو جعفر: الحكاية عن عاصم وحمزة ظاهرها الغلط، إلا أن توجه على أن المعنى: بغير غنة للنون والتنوين، وإنما الغنة للميم التي أُبدلا إليها بحق الإدغام، وذلك أن الخلاف بين أهل النظر في هذا الموضع موجود، فذهب ابن كيسان وابن المنادي وابن مجاهد في أحد قوليه إلى أن الغنة للنون والتنوين، وذهب الجمهور إلى أن الغنة للميم، وهو قول أبي -رضي الله عنه- وهو الصواب.
ولم تجئ النون ساكنة بعدها ميم في كلمة في القرآن، وقد جاء في الكلام، فما خِيف فيه الالتباس بالمضاعف أُظهر، وذلك أن تكون النون أصلا نحو: شاة زنماء، وغنم زنم، وما أمن فيه ذلك أدغم، وذلك أن تكون زائدة نحو: امحى، واهرمّع يهرمّع، والهرمّع؛ ولذلك قال سيبويه: لو بنيت "انفعل" من الوجل قلت: اوّجل، فهذا كله لا يلتبس بالمضاعف؛ لأنه ليس بالمضاعف هذه الأمثلة.
وأما {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} [النبأ: 1]، و {مِمَّ خُلِقَ} [الطارق: 5] فكلمتان، والأصل: عن ما، ومن ما، وكذلك ما كان نحوه، وحذفت الألف فرقا بين الاستفهام والخبر، ولم تثبت النون في الخط؛ لأنهم كتبوا المسموع فقط، وفي كتبهم كذلك عندي دلالة على أن الغنة للميم لا للنون، فتأمله.
وأما إدغامها في الراء واللام والواو والياء، فيجوز بغنة وبغير غنة.
واختلف القراء في ذلك، فروى خلف الإدغام في الواو والياء بغير غنة.
وقد قرأت على أبي القاسم بمثل ذلك لأبي عمر عن الكسائي من طريق أبي الفرج الرصاص، عن أبي الخفاف، عن أبي الزعراء عنه.
وذكر الأهوازي قال: قال لي أبو عبد الله اللالكائي: قرأت على أبي الفرج الرصاص في الختمة الأولى بالإدغام عند الياء والواو، وفي الختمة الثانية بالإدغام والإظهار، وكيف قرأت أجازني عنه.
الباقون بالإدغام فيهما بغنة.
فإن كانت النون قبل الياء والواو في كلمة أصلا فهي مظهرة بلا خلاف، لئلا يلتبس بالمضاعف نحو: {الدُّنْيَا}، و {بُنْيَانٌ} [الصف: 4]، و {قِنْوَانٌ} [الأنعام: 99]، و {صِنْوَانٌ} [الرعد: 4] وما أكثر من يظهر النون في هذا من القرأة إظهارا عنيفا مستشنعا، فليجتنب ذلك.
وقال سيبويه: "اوَّجل في "انفعل" من الوجل" ونظير قولهم: "من يقول" فأدغموا و"الدنيا" فأظهروا، قول بعض العرب: أبو يوب في "أبي أيوب" وكذلك المنفصلة كلها، ويقولون: سوة بنقل الحركة، ولا يثقلون في كلمته مخافة الالتباس بالمضاعف، وحكى سيبويه أن بعض هؤلاء يقول: سوة، فيجري المتصل مجرى المنفصل، ويشبهه به، ولا يجوز على هذا إدغام {قِنْوَانٌ}، و {صِنْوَانٌ}.
وأما عند الراء واللام، فقرئ على أبي علي الصدفي وأنا أسمع، عن أبي طاهر بن سوار قال: روى شيخنا أبو علي العطار عن النهرواني عن أهل الحجاز وابن عامر تبقيتها -يعني الغنة- عندهما، يعني عند الراء واللام.
وقال الأهوازي: الرواية عن نافع وعاصم وابن عامر في قول أهل العراق عنهم إظهار الغنة عند الراء واللام، وكذلك ذكره أبو بكر النقاش عن ابن كثير فيما حدثني أبو بكر الضبي عنه، وقرأة البغداديين على إدغامها عندهما عن الجماعة.
قال أبو جعفر: وأهل الأندلس والمغرب، على ما حكي عن البغداديين من إذهاب الغنة، يأخذون للجميع، وبه قرأت على أبي -رضي الله عنه- وسائر من لقيت إلا أبا القاسم -رحمه الله- فإني قرأت عليه من طريق ابن حبش عن أبي شعيب، والنقاش عن ابن ذكوان، بالغنة فيهما، ومن طريق الشنبوذي والثغري عن ابن الأخرم، عن ابن ذكون، بالغنة في الراء وحدها، ومن طريق السلمي عن ابن الأخرم بلا غنة فيهما.
وحدثني بسنده إلى الخزاعي أن الحلواني روى عن هشام الغنة في اللام وحدها.
والآخذون بالغنة في الراء واللام كثير جدا عن جميع القراء، وإنما ذكرت من قرأت له بها من طرق هذا الكتاب، وهو مذهب مشهور، لا ينبغي أن نستوحش منه؛ لتظاهر الروايات به، وصحته في العربية، وبعضهم يرجحه على إذهابها، كما كان ذلك في حروف الإطباق، وكذلك أيضا عند الواو والياء.
وسألت أبي -رضي الله عنه: أيهما أحب إليك في الراء واللام؟ فقال: الأمر في هذا متقارب، قال: وإنما أميل إلى ذهاب الغنة، وإذا كان سيبويه قد حكى إذهاب الإطباق في "أَحَطتُّ" ونحوه فإذهاب الغنة أقرب.
وقال أبو بكر بن أشتة: وإنما الوجهان، يعني لا خلاف بين القراء في إذهاب الغنة وتبقيتها عند الراء واللام فيما النون ثابتة في الخط في ذلك، فأما ما كانت النون محذوفة فالعامة مجمعة على الإدغام فيه.
قال أبو جعفر: والغنة صوت يخرج من الخياشيم تابع لصوت النون والميم الساكنتين، وهي في النون أقوى وأبين، ومن بقى الغنة مع هذه الحروف الأربعة كان تشديده أقل من تشديد من لم يبقها، ومن بقى الغنة فهو مدغم كمن لم يبقها.
وفي هذا الموضع خلاف، فحدثنا أبو داود، حدثنا أبو عمرو أن أبا الطيب التائب وأبا بكر الشذائي كانا يذهبان إلى أنه إخفاء وليس بإدغام، ولو كان إدغاما لذهبت الغنة بانقلاب النون إلى حرف لا غنة فيه؛ لأن حكم الإدغام أن يكون لفظ الأول من الحرفين كلفظ الثاني.
وحكى عثمان نحو ذلك عن أبي الحسن الأنطاكي وعبد الباقي، وإليه ذهب عثمان، وقال: هو قول الحذاق، والأكابر من أهل الأداء.
وكان غير هؤلاء يذهبون إلى أنه إدغام صحيح، وأن الغنة ليست في نفس الحرف؛ لأنهم قد أبدلوا حرفا لا غنة فيه، وإنما هي بين الحرفين، وليس بيان الغنة بناقض للإدغام، كما أن الروم والإشمام ليسا بناقضين للوقف، ولا رافعين لحكمه، وإلى هذا ذهب أبي -رضي الله عنه.

.ذكر الإظهار:

للحروف التي أجمعوا على إظهار النون، والتنوين عندها في الانفصال، والاتصال لبعد مخارجهن: منها حروف الحلق إلا الألف، وهي ستة: الهمزة، والهاء، والعين، والغين، والحاء، والخاء، نحو: {يَنْأَوْنَ} [الأنعام: 26] وليس غيره، و {إِنْ أَرَادُوا} [البقرة: 228]، و {عَذَابٌ أَلِيمٌ} و {مِنْهُ} و {عَنْهُ} و{جُرُفٍ هَارٍ} [التوبة: 109]، و {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7]، و {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ} [النور: 33]، و {عَذَابٌ عَظِيمٌ}، و {تَنْحِتُونَ}، و {مِمَّنْ حَوْلَكُمْ} [التوبة: 101]، و {عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، و {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ} [الإسراء: 51]، و {مِنْ غِلٍّ} [الأعراف: 43]، و {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا} [النساء: 135]، و {مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} [محمد: 15]، {وَالْمُنْخَنِقَةُ} [المائدة: 3]، و {مِنْ خَيْرٍ}، و {يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ} [الغاشية: 2].
والاتصال في جميع الباب إنما يكون مع النون، فأما مع التنوين فلا بد من الانفصال؛ لأنه آخر الكلمة.
ومخرج النون والتنوين إذا أُظهرا من الفم.
وقد قسم الأهوازي هذا الباب ثلاثة أقسام:
قسم لا يجوز فيه ولا يمكن إلا الإظهار، وهو العين والهمزة نحو: {أَنْعَمْتَ}، و {يَنْأَوْنَ}.
وقسم متفق فيه على الإظهار، والإخفاء ممكن لكنه لم يرد، وهو الحاء والهاء، نحو: {تَنْحِتُونَ}، و {إِنْ هُوَ}.
وقسم يجوزان فيه وقد وردا، وهو الغين والخاء.
قال أبو جعفر: أما ما ذكر من الإخفاء عند الغين والخاء فصحيح، ذكره سيبويه عن قوم من العرب، ووجّهه بأن هذين الحرفين قريبان من حروف الفم، فأخفوها معهما كما أخفوها عند حروف الفم، وبه قرأت من طريق الأهوازي لابن شنبوذ عن أبي نشيط، وبه أخذ أبو الفضل الخزاعي لأبي نشيط من جميع طرقه، وهي رواية المسيبي عن نافع.
وكان البغداديون يستثنون من ذلك المنقوص، وهو {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا} وما كان من كلمة نحو: {وَالْمُنْخَنِقَةُ}، و {فَسَيُنْغِضُونَ}.
وحدثنا أبو القاسم، حدثنا المليحي بمصر، حدثنا أبو علي البغدادي قال: كان الحمامي شيخنا إذا قرئ عليه: {وَالْمُنْخَنِقَةُ} بالإدغام يضحك ولا يرد.
قال أبو جعفر: قوله: "الإدغام" تجوُّز في العبارة، وإنما هو إخفاء، وهذه الحكاية تعطي أن استثناء المنقوص وما كان من كلمة اختيار من البغداديين، ومن لم يرو ذلك لا يأخذ به، كان أبو الحسن لا يرد على من قرأ عليه بغير اختيارهم.
وأما ما ذكر الأهوازي من إمكان الإخفاء عند الخاء والهاء، فلم يذكره سيبويه.
وسألت عنه أبي -رضي الله عنه- فلم يعرفه، وهو غير جائز، فلو جاز فيهما الإخفاء لجاز في العين والهمزة؛ لأن أمر هذه الحروف واحد في البعد من الفم.
وحدثنا أبو القاسم، عن أبي بكر بن نبت العروق أنه كان يقول: إن الإظهار متفاضل في القوة والتمكن عند هذه الحروف، فأشد الإظهار وأسرعه وأمكنه عند الهمزة، ثم الهاء، ثم الحاء، ثم العين، وأضعفه وأقربه عند الخاء والغين.

وقال ابن مجاهد: النون والتنوين يبينان عند الهاء والغين ضرورة من غير تعمُّل.
وحدثنا أبو داود وأبو الحسن، حدثنا أبو عمرو قال: ويبينان عند الهمزة والعين والحاء بتعمُّل.
قال أبو جعفر: ومن الناس من يسرف في التعمل حتى يخرج إلى ما لا يجوز، فليجتنب ذلك.
أقول: وللتعمل حد، وإذا ارتاض اللسان سقط.
ووافق ورش القراء في الإظهار عند هذه الحروف إلا أنه اعترضه عند الهمزة، من أصله في نقل حركتها إلى ما قبلها، ما أوجب تحريك النون والتنوين، فخرجا بالنقل إليهما عن أن يكونا ساكنين، فلا يجتمعان معها على قراءته إلا في {يَنْأَوْنَ} لأنه لا ينقل الحركة في كلمة، وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله.

.ذكر الإبدال:

أجمعوا على إبدال النون والتنوين ميما قبل الباء، سواء كانت النون من كلمة أو كلمتين، أو كان سكونها خلقة أو لجازم نحو: {أَنْبِئْهُمْ} [البقرة: 33] و {أَنْ بُورِكَ} [النمل: 8] و {يُؤْمِنْ بِاللَّهِ}، و {صُمٌّ بُكْمٌ} [البقرة: 18، 171] ونحوه، قلبا صحيحا من غير إدغام ولا إخفاء، قال سيبويه: "تقلب النون مع الباء ميما؛ لأنها من موضع تعتل فيه النون، فأرادوا أن يدغموها إذ كانت الباء من موضع الميم، كما أدغموها فيما قرب من الراء في الموضع، فجعلوا ما هو من موضع ما وافقها في الصوت بمنزلة ما قرب من أقرب الحروف منها في الموضع، ولم يجعلوا النون باء لبعدها في المخرج، وأنها ليست فيها غنة، ولكنهم أبدلوا من مكانها أشبه الحروف بالنون وهي الميم، وذلك مثل: مم بك، يريد: من بك، وشمباء وعمبر، يريد: شنباء وعنبرا".
وقال سيبويه أيضا: "وإذا كانت -يعني النون- مع الباء لم تتبين، وذلك شنباء والعنبر؛ لأنك لا تدغم النون، وإنما تحولها ميما، والميم لا تقع ساكنة قبل الباء في كلمة، فليس في هذا الباب التباس بغيره".
قال لي أبي -رضي الله عنه: زعم الفراء أن النون عند الباء مخفاة، كما تخفى عند غيرها من حروف الفم، وتأويل قوله أنه سمى البدل إخفاء، وقد أخذ بظاهر عبارته قوم من القراء المنتحلين في الإعراب مذهب الكوفيين، وتبعهم قوم من المتأخرين، خلطوا بين مذهب سيبويه وعبارة الفراء، من القلب والإخفاء، فغلطوا، وقد قلنا في ذلك فيما مضى.

.ذكر الإخفاء:

اتفقوا بعد ما ذكرنا عنهم من أحوال النون والتنوين عند الاثني عشر حرفا المتقدمة على إخفائهما عند باقي الحروف، وهي خمسة عشر حرفا: التاء، والثاء، والجيم، والدال، والذال، والزاي، والسين، والشين، والصاد، والضاد، والطاء، والظاء، والفاء، والقاف، والكاف، سواء كانت النون من كلمة أو من كلمتين نحو قوله تعالى: {أَنْتُمْ}، و {مَنْ تَابَ}، و {شَهْرٍ، تَنَزَّلُ} [القدر: 3، 4] {وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} [البقرة: 178]، {وَمِنْ ثَمَرَاتِ} [النحل: 67]، و {خَيْرٌ ثَوَابًا} [الكهف: 44]، و {الْإِنْجِيلُ}، و {مِنْ جَهَنَّمَ}، و {مُوصٍ جَنَفًا} [البقرة: 182]، و {أَنْدَادًا}، و {مِنْ دِيَارِهِمْ}، و {مُسْتَقِيمٍ دِينًا} [الأنعام: 161]، و {أَأَنْذَرْتَهُمْ} [البقرة: 6]، [يس: 10]، و {عَنْ ذِكْرِهِمْ} [المؤمنون: 71]، و {سَحِيقٍ، ذَلِكَ} [الحج: 31، 32]، و {أَنْزَلْنَا}، و {فَإِنْ زَلَلْتُمْ} [البقرة: 209]، و {يَوْمَئِذٍ زُرْقًا} [طه: 102]، و {مِنْسَأَتَهُ} [سبأ: 14]، و {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ}، و {عَظِيمٌ، سَمَّاعُونَ} [المائدة: 41، 42]، و {أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً} [الواقعة: 35]، و {وَلَئِنْ شِئْنَا} [الإسراء: 86]، و {غَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: 30]، [الشورى: 23]، و {يَنْقَلِبْ}، و {مَنْ قَالَ}، و {عَفُوًّا قَدِيرًا} [النساء: 149]، و {أَنْكَاثًا} [النحل: 92]، و {مَنْ كَانَ}، و {خَوَّانٍ كَفُورٍ} [الحج: 38] ونحو ذلك.
والإخفاء يزيد فيما قرب من ذلك إلى النون، وينقص فيما بعد منها، وهذا قول الأهوازي وأبي عمرو وغيرهما.
والقراء بعد في تمكينه أنحاء، فمنهم من يفرط في التمكين، ومنهم من يقتصد فيه، وكان أبو القاسم شيخنا -رحمه الله- ينكر الإفراط فيه إنكارا شديدا.
فأما الإظهار عند هذه الحروف، فقد قال أبو عثمان المازني: إنه لحن، ومخرج النون والتنوين من الخيشوم، وقد مر ذلك.
والإخفاء حال بين الإظهار والإدغام، ونص جميعهم على أنه لا تشديد فيه، إلا الأهوازي فإنه كان يقول: كما أن المظهر مخفف والمدغم مشدد، فكذلك المخفى بين التشديد والتخفيف، إذ هو رتبة بين الإظهار والإدغام، وغلّط من قال: إن المخفى بين مخفف، وزعم أنه خلاف لقول من مضى.
ولا أرى الأهوازي إلا واهما؛ لأن التشديد إنما وجب في الإدغام لما أرادوا من أن يكون الرفع بالمثلين واحدا، ولا تماثل في الإخفاء، ألا ترى أن مخرج النون المخفاة غير مخارج هذه الحروف التي تخفى النون عندها، كما هي في الإظهار كذلك، فيجب أن يكون حكمها من التخفيف حكم الإظهار، والله أعلم.
وقد بقي من حروف المعجم حرفان، وهما الألف والنون.
فأما الألف فلا دخول لها في هذا الباب لسكونها، وأما النون فلكونها مثلا عُلِمَ أنه لا بد لها عند لقاء النون والتنوين لها من إدغامه فيهما، فلم يكن لذكرها معنى،..... أن كثيرا من القراء يذكرونها، ويجمعون الحروف المدغم فيها النون والتنوين. . . . . :"يرملون".
وكان أبو علي الأنطاكي، فيما حدثنا أبو داود عن أبي عمرو يزعم أن "يرملون" جمع المدغم والمدغم فيه، والله أعلم.

.شرح القسم الثاني: من الإدغام الصغير، وهو ما سكونه عن حركة

.[حروف قربت مخارجها]

المختلف فيه من الساكن الذي تعرف حركته تسعة أصناف.
الأول: الباء عند الفاء.
الثاني: الباء عند الميم.
الثالث: الثاء عند التاء.
الرابع: الثاء عند الذال.
الخامس: الدال عند الثاء.
السادس: الذال عند التاء.
السابع: اللام عند الذال.
الثامن: الراء عند اللام.
التاسع: الفاء عند الباء.

.باب الباء عند الفاء:

وجملة ذلك خمسة مواضع، في [النساء: 74] {أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيه} وفي [الرعد:] {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ}، وفي [سبحان: 63] {اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ} وفي [طه:] {فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ}، وفي [الحجرات: 11]، و {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ}.
فأدغم فيهن أبو عمرو والكسائي بلا خلاف عنهما، وخلاد وهشام بخدمة عنهما، والذي ثبت عن الجوهري عن خلاد، وعن الحلواني عن هشام الإدغام قرأت على أبي القاسم من طريقها عنهما.
وقرأت على أبي -رضي الله عنه- وعلى ابن شريح بالإدغام لخلاد، وبالإظهار لهشام، وكذلك ذكر أبو الطيب.
وقال أبو عمرو: وخير خلاد في {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ} وخيرني فارس أحمد لهشام، فقرأت عليه بالوجهين، وبالإظهار آخذ.
قال أبو جعفر: بالإدغام آخذ لهما في الباب.
وقال الأهوازي: سمعت أبا عبد الله العجلي يقول: وجدت الحذاق من الأداء على أخفائها عند الفاء عن اليزيدي عن أبي عمرو.
الباقون بالإظهار في الخمسة.

.باب الباء عند الميم:

وذلك موضعان: {وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} في [البقرة: 284]، و{ارْكَب مَّعَنَا} في [هود: 42] فأظهر ورش فيهما، وأظهر ابن عامر وحمزة {ارْكَب مَّعَنَا} وحده.
واختُلف عن قالون والبزي وخلاد فيه، واختُلف عن قنبل والبزي أيضا في {يُعَذِّبُ مَنْ}.
الباقون: بالإدغام فيهما، غير أن عاصما وابن عامر قرآ: و {يُعَذِّبُ مَنْ} بالرفع فأظهرا.
قال الأهوازي: وقرأت على الشنبوذي عن يحيى عن أبي بكر بإخفاء الباء فيها عند الميم.
قال أبو جعفر: رواية ابن بويان عن أبي نشيط بالإدغام فيهما، ورواية غيره عنه الإظهار فيهما.

.باب الثاء عند التاء:

وذلك في أصل مطرد، وفي موضعين؛ فالأصل المطرد: "لبثتَ، ولبثتُ، ولبثتُم" حيث وقعت هذه الكلمة مع هذه الضمائر الثلاثة.
والموضعان: {أُورِثْتُمُوهَا} في [الأعراف: 43، والزخرف: 72].
فأدغم ذلك كله أبو عمرو وهشام وحمزة والكسائي، ووافقهم ابن ذكوان على إدغام باب "اللبث".
الباقون بالإظهار في جميع ذلك.

.باب الثاء عند الذال:

وهو موضع واحد في القرآن، قوله تعالى: {يَلْهَث ذَّلِكَ} [الأعراف: 176].
أظهره ابن كثير وورش وهشام، واختُلف عن قالون، فروى ابن بويان الإدغام، وروى غيره الإظهار.
وقال الجعفي عن الأشناني عن عبيد عن حفص بالإظهار.
والباقون بالإدغام.

.باب الدال عند الثاء:

وهما موضعان في [آل عمران: 145] {مَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا}، و {وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ}.
أظهرهما الحرميان وعاصم، زاد الأهوازي، النقاش عن ابن ذكوان، وزاد عثمان بن سعيد وعبد الباقي لهشام.
وأدغمهما الباقون.

.باب الذال عند التاء:

وذلك في أصل مطرد وثلاثة مواضع، فالأصل المطرد: "اتخذتهم، وأخذتم، واتخذت" وبابه حيث وقع.
وأظهر ابن كثير وحفص، وأدغم الباقون.
والمواضع الثلاثة: {فَنَبَذْتُهَا} في [طه: 96]، {إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي} في [المؤمن: 27]، [والدخان: 20].
أدغمها ثلاثتها أبو عمرو وحمزة والكسائي، وكذلك قرأت لهشام من جميع طرقه على أبي القاسم -رحمه الله.
وأهل الأندلس يأخذون له بالإظهار؛ اتباعا لأبي الطيب وأبي أحمد في ذلك.
وبه قرأت على أبي -رضي الله عنه- وسائر شيوخي، وقد أصفق البغداديون والخزاعي والأهوازي معهم على أن هشاما يدغم هذه الأحرف الثلاثة، وكذلك آخذ له.
وكان عثمان بن سعيد يروي لهشام من طريق أبي مرثد {فَنَبَذْتُهَا} وحده مدغما.
وقرأت لابن ذكوان من طريق الأهوازي عن الشنبوذي، والثغري عن ابن الأخرم بالإدغام في الثلاثة، ومن طريقه عن السلمي عن ابن الأخرم بالإظهار كالباقين، وبه آخذ له.

.باب اللام عند الذال:

وذلك اللام من "يفعل" عند الذال من "ذلك"، تفرد أبو الحارث بإدغامها.
وجملة ذلك ستة مواضع: في [البقرة: 231] {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}، وفي [آل عمران: 28] {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ}، وفي النساء موضعان {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا} [30] وبعد المائة [114] {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ}، وفي [الفرقان: 6] {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا}، وفي [المنافقون: 9] {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}.
الباقون بالإظهار في الستة.

.باب الراء عند اللام، والفاء عند الباء:

وذلك {يَغْفِرْ لَكُمْ} وبابه، وقد ذكرنا مذاهب أبي عمرو فيه.
و {نَخْسِفْ بِهِمُ} وقد ذكرنا إدغام الكسائي له، وقيل عنه أيضا بالإخفاء فيه.